رسائل لم تصل
مرحباً.
أعلمُ أنك لست بصحةٍ جيدة؛ تنطوي، مثل قوقعة يائسة، كي لا يعلم عن أمرك أحد. لستُ أدري إن كان إرسال هذه الرسالة خياراً صائباً، ورغم ذلك، لا أستطيع منع نفسي من لهفة الاطمئنان عليك ومعرفة أحوالك.
اختفيتَ عن جلساتِ الأصدقاء، نادراً ما نسمع صوتك الذي كان، في يوم من الأيام، جَهورياً ولافتاً. كلماتكَ الآن أشبه بتنهيدة تحمل فوقها ثِقل العالم. وكأنك إنْ نطقتَ حرفاً فسيكلّفك ذلك الكثير من العَناء.
لم يلفتني اختباؤك من الرفاق؛ فلا أذكرك مُحباً دائماً للتجمّعات. لكنني أدركتُ وجود خطبٍ ما عندما صرت تتحاشاني أنا! أتظنّ حيلةً كهذه تنطلي عليّ؟ هل اعتقدت بأنني سأصدق عبارتك الخافتة تلك ” أنا بخير” بينما كل شيء في عينيك يصرخ؟
حاولت بيأس إخفاء الأمر عني، لعلك نسيت أننا روحٌ واحدة في الأصل!..
ما الذي يقوله فؤادك الآن؟ لولا أنّ الجرح أبْكم، لقلتُ أنني أستطيع سَماعه ينزف ألماً. لم تقُل لي أيَّ كلمة. عِوضاً عن هذا، اكتُشفتَ بدهاءٍ أثار حزني أثناء محاولاتي لانتزاع شيءٍ من الحقيقة. لأكون صادقاً، كدتُ – للحظة- أن أقعَ في شباك تمثيلك، هل أتخيّل كل هذا؟ أم أنه حقاً لا يحفل بشيء؟” حتى أنني عدتُ للَوم نفسي
بحثتُ في ثنايا وجهك المُبهم، فبدتْ لي ابتسامتك العريضة التي أسرفتَ في إظهارها حيناً ما مثل جرحِ يستقر فوق ذقنك! حتى ضحكتك، سمعتُ فيها صدى أنينٍ خافتٍ كأنه يرجو ألا يسمعه أحد. كيف لي أن أتقصّى قلبك بينما ملامحك هذه كاذبة للغاية؟
قررت ترك كل ذلك لأتجه إليهما، إن كان هناك شيء حقيقي وصادق حتى أن أقسى الأقنعة تعجز عن حجبه، فهما عيناك. تفرَّستُ فيهما جيداً أثناء اللحظات التي جمعتنا حتى عثرت على الإجابة. أخبرني احمرارهما كم أن تلك الغصة العالقة – لمدة لا نعلمها- شائكة وموجِعة. وكم أن هذا القلب مُنقبضٌ جدًا حتى أن ضخّ الدم بات عمليةً شاقة.
لم ينجح في خداعي أي مشهد. فهلّا أسدلْنا الستار لنُنهي هذه المسرحية، حضرة الممثل الخاسر؟
وافر الودّ
صديقك المخلص
وكاشف الحقيقة.
غادة سلطان
اترك تعليقاً