الحُلم، مرةً أخرى – للكاتبة دلال المبارك

الحُلم، مرةً أخرى

إذا كان التطلّعُ للحُلم واستدامةُ الروح الوقّادة دافعًا للمُضيّ في مسيرة التغيير للأفضل؛ فإنه كذلك مهمة شاقة في دنيا طُبِعَت على المنغّصات التي تحْجبنا عن نَيْل أمنياتنا.

وما زال الحُلم -رغم ذلك- شيمةَ النفوسِ التي تحترف توجيه بوصلتها نحو الحياة مهما عصفت بها الرياح. وقد تتساءلون: هل في وسعِ أحلامٍ زرعت في روح امرئٍ أكاليل البهجة زمنًا؛ فحالَتْ أشباحًا أنْ تُشرق على رُباه من جديد؟!

 لا ريب أنَّ الحلم الأثير الذي نصطفيه منذ نعومة أظفارنا، جزءٌ من هويتنا، وباعثٌ لضخِّ دماءِ الحياة في أيامنا، وأنَّ مَن فقده سيعاني وطأة انهيار صُروحٍ شادها من مَرْمَرٍ؛ فعادت هشيمًا، حتى كان لسان الحال: هل إلى بناءٍ مِن سبيل؟!

أمَّا مَن ولَّى الحياة قفاه، فقد قضت الحياة ألا تفتح ذراعيها لمن خاصمتهم إذا لم يمتلكوا الجرأة لفتح صفحة جديدة؛ فالأيام القادمة حُبلى بالفرص؛ لكن النفوس تتفاوت في قدرتها على تُجاوز المآسي السابقة، واستئناف الحياة بروح غضّة، تبتدعُ للحياة سبيلًا.

هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ، يُحِبُّ الحَيَاةَ   

                            وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُرْ

أجل فخيرات هذا الكون لا تغمر إلا من يسعى إليها، وتزدري من أخلد إلى الأرض، ولا ينال هِباتَها راضٍ بمسالك الهوان، متراخٍ عن الارتقاء في معارجِ الأحلام.

وإذا كان الحُلم روحًا بداخلنا تُشعل فينا الرغبة في بناء أفضل؛ فهل من الإنصاف أن نرى في انحراف الأحداث عن مسار توقعاتنا موتًا للحلم؟ لم لا يكون انهيار خُطة من خُططنا ثقبًا يرينا أن العالم أكبر بكثير من هذا السُّور الذي نحصر أنفسنا فيه؟ لم لا يكون نداءً للوصول إليه من طُرق أخرى؟ لِمَ لا نرى في هذا الطريق الجديد -لو طال- إرهاص ولادة مكتملة؟!

أجل بوسع تلك الطرق التي لم نخترها أو نختبرها أن توصلنا إلى أماكن رائعة لم نحلم بها يومًا!

 المسألة ليست في الحلم؛ بل في الإصرار على عدم الاستسلام عند أول منعطف! فإذا انقطع بنا السبيل، فالشجاعة -كل الشجاعة- في القدرة على الحلم من جديد كأنْ لَمْ نُخذل يومًا، فهل نستطيع؟

دلال المبارك

@Dalal_Almubarak

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.